"طلع البدر علينا: قصة استقبال بني النجار السادة " الأنصار"للرسول ﷺ"
استقبال قبيلة بني النجار الخزرجية ملوك يثرب حينذاك للنبي ﷺ أثناء الهجرة النبوية، :
استقبال قبيلة بني النجار للنبي ﷺ في الهجرة النبوية
تُعد الهجرة النبوية الشريفة من مكة إلى المدينة حدثًا فارقًا في التاريخ الإسلامي، وقد صاحبها لحظات إنسانية وعاطفية عظيمة، من أبرزها استقبال قبيلة بني النجار للنبي محمد ﷺ عند وصوله إلى المدينة.
■ الخلفية التاريخية:
قبيلة بني النجار هي إحدى بطون الخزرج، وكان بينهم وبين النبي ﷺ صلة قرابة من جهة جده عبد المطلب، حيث كانت أم عبد المطلب من بني النجار، ولهذا كان فيهم قرابة ونسب.
عندما هاجر النبي ﷺ من مكة إلى المدينة، خرج أهلها جميعًا في استقبال مشهده العظيم، ولكن كان لقبيلة لبني النجار فضل خاص ومكانة مميزة في هذا الحدث.
■ لحظة الوصول:
وصل النبي ﷺ إلى أطراف المدينة (يثرب آنذاك) بعد رحلة شاقة، وكان الناس ينتظرونه على أحرّ من الجمر، يخرجون كل يوم إلى مشارف المدينة في الصباح ثم يعودون إذا اشتد الحر.
فلما وصل النبي ﷺ ومعه أبو بكر الصديق رضي الله عنه، ارتفعت أصوات التكبير، وابتهجت المدينة كلها. ولما دخل المدينة، استقبله بنو النجار بالدفوف والأناشيد فرحًا بقدومه، وكانت هذه من أوائل مظاهر الاحتفال في الإسلام.
■ أناشيد الترحيب (طلع البدر علينا):
اشتهرت في كتب السيرة قصة نشيد "طلع البدر علينا"، والذي يُروى أن نساء وأطفال بني النجار رددوه عند استقبال النبي ﷺ:
"طلع البدر علينا من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا ما دعى لله داع
أيها المبعوث فينا جئت بالأمر المطاع"
وتعبّر عن حب أهل المدينة للنبي ﷺ واستقبالهم العظيم له.
■ النزول في دار بني النجار:
عندما دخل النبي ﷺ المدينة، أراد الناس كلهم أن ينزل عندهم، فكانوا يأخذون بخطام ناقته، لكنه قال:
"خلوا سبيلها، فإنها مأمورة".
فمضت الناقة حتى بركت في موضعٍ ببطحاء المدينة أمام دار بني النجار، وفيه نزل النبي ﷺ. وكان هذا الموضع لاحقًا هو المكان الذي بني فيه المسجد النبوي الشريف.
وقد نزل النبي ﷺ في بيت أبي أيوب الأنصاري، أحد رجال بني النجار، حتى تم بناء المسجد.
■ مكانة بني النجار:
قال النبي ﷺ في فضلهم:
"خير دور الأنصار دار بني النجار" – رواه البخاري.
وقد مدحهم كثيرًا وأحبهم، وظل على علاقة قوية بهم حتى وفاته، وكان يزور قبور موتاهم ويدعو لهم.
كان استقبال قبيلة بني النجار للنبي ﷺ واحدًا من أعظم المشاهد في السيرة النبوية، يعبّر عن حب الأنصار، ووفاءهم، وصدق إيمانهم. وقد أصبح هذا الحدث رمزًا للتضحية والولاء، ودرسًا خالدًا في نصرة الدين واحتضان المهاجرين.
■ وفي ختام هذا المقال، نستذكر هذا الحدث العظيم بكل إكبار وإجلال، ونسأل الله أن يرزقنا حب النبي ﷺ وأهل بيته الكرام، وأن يجعلنا من أنصاره في الدنيا والآخرة، كما نصره جدودنا الأنصار وبايعوه على السمع والطاعة.
اللهم كما نوّرت قلوب أهل المدينة بقدوم نبيك، نوّر قلوبنا بالإيمان، واملأها حبًّا له ولسنّته، ووفّقنا لاتباعه قولًا وعملًا.
اللهم اجمعنا به في الفردوس الأعلى من غير حساب ولا سابقة عذاب،
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين آمين.

